28/10/2010 د/ خالد فهمي (معذرة لكآبة المفتتح) هل كان في مظنون أحد أن يأتي اليوم الذي ما إن نستيقظ فيه حتى تغشانا كآبة متسللة من ظلمة الليل، فنناقش ما كان طرحه للمناقشة مبعث اتهام للعقول والأفهام؟ وهل كان يدور بخلد أحد مهما كانت آفاق خياله رحابةً وامتدادًا أن يطرح المفهوم المنضوي تحت عبارات من مثل: (الحل الإسلامي)، (الإسلام هو الحل) للمناقشة واستقراء الأدلة، واستجماع القرائن برهنة على صحته، وتحقيقًا لكونه هو الوجه الوحيد الصحيح في وسطٍ تغمره وجوه كالحة منقوصة الخلق، مثيرة للفزع من حلول أخرى هي في مقام الحق من أظهر ما جرَّ على العالم الإسلامي من صور الفساد. وليسمح لي القارئ الكريم أن أعود به إلى نحو خمسمائة سنة مضت أو تزيد يوم سقطت الأندلس، وضاعت وفقد معها العالم الإسلامي جنوبًا عمقه الإستراتيجي (فكريًّا وعسكريًّا) وبات نهبًا للأفكار القادمة من الشمال ملتبسةً بأرواح النصرانية والوثنية حينًا، ومدمجةً بسلاح الصليب في أحيان. منذ هذا التاريخ المؤلم القاتل أصبح العالم الإسلامي عرضةً لرميات الغدر، وتقلَّبت به أصول وأحوال ابتعدت به عن أصول مرجعيته، ابتعادًا ماديًّا ملموسًا، فحوربت هذه الأصول وأُقصيت عن إدارة عقول أبنائه، وعن تهذيب نفوسهم، وعن تدبير شئونهم. هل الإسلام هو الحل؟! مقال في شرعية التساؤل! ومنذ هذا التغلب الذي هو في حقيقة تكييفه تغلب لص على ما لا يملك، بل ما لم يكن يحلم أن يملكه- ومع ما هجم علينا بآثاره من الأفكار التي ارتقت بالكيانات الغربية في ميزان القوى، ومنجزات الحضارة المادية- كان طبيعيًّا- أن يحلم بعض القوم هنا أن ينقلوا التجربة. وكان طبيعيًّا أن يتطور الحلم في التطور الحضاري من بوابة نقل النموذج، وبدت فتنة المقارنة تُكسب التوجه نحو الغرب أرضًا من عقول أهل المشرق على تفاوتٍ من أثر هذه الفتنة في عقول الذين خلبتهم مخايل التقدم الأوروبي وازدهاره التقني وتفوقه العلمي. وكان طبيعيًا- في حدود العلمانية الجزئية- أن يدخل أنصارها في حوارٍ مع أبناء الفكرة الإسلامية في إطارٍ من محاولة الفهم وعدم التخوين، فيما سُمًّى زمانًا باسم "الوطنية". وبدأ الانتصار للحل الغربي- ولو جزئيًّا- في مواجهة الانتصار للحل الإسلامي، ممهدًا لأجواء خلق شرعية ظهور اللافتات التالية: الحل الإسلامي. وبيِّنات الحل الإسلامي. والإسلام هو الحل. والإسلام هو الحل الوحيد! ولم يكن مستوعبًا أن يقف أحد- فردًا كان أو نظامًا- ويحارب هذا المفهوم الواضح من خلف هذه اللافتات، لكن الذي لم يكن مستوعبًّا قد كان في تلبساته بأزمة الانحسار التي مُني بها بعض الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي وهي تخسر سمعتها، وأرض تغلبت عليها زمانًا طويلاً في مواجهة تيار شعبي اكتسب أرضًا؛ بسبب من عوامل كثيرة. وانجرَّ بعض هذه اللافتات إلى أروقة القضاء المصري؛ ليصدر حكمًا بدستورية استعماله، وأنه لا يُشتَم من وراء رفعه رائحة طائفية، وسقطت دفوع كثيرة، لم يكن أحد يتصور أن تثور في وجه هذا الشعار يومًا حتى مع افتراض تنامي الصراع السياسي وازدياد حرارته. مَن صكَّ هذا الشعار؟! وفي هذا السياق يصبح اللجوء إلى التأريخ لزمان ظهور هذا الشعار؛ لأن ذلك حاسمٌ في دفع تهمة ليس مسكوتًا عنها بحال تقول إن ثمة استغلالاً بالمعنى الشائع الذي يقترب به من حدود مجال الابتزاز دلاليًّا. من قبل قوى الحركة الإسلامية، وهو ما سوف تكشف القراءة التاريخية عن خطئه، وهي التهمة التي ترمي ضمن ما ترمي إلى تلويث سمعة الحركة الإسلامية، أو خلق جوٍّ من التشكيك في أصالة توجهها، وفي تحقيق أغراض محاصرة يقدِّمها سياسيًّا واجتماعيًّا وفكريًّا. وفي هذا السياق سأقف عند نموذج واحد- تفصيلاً- سابق لطرح هذه الحقيقة الملتبسة بالشعار بزمان طويل، وهو ما لم يلتفت إليه أحدٌ لأن خصومها وهو طبيعي، أو من أبنائها وهو غير طبيعي. وقبل ذلك أحب أن نقرر أن إنتاج هذا الشعار كان تم في مرحلة اشتباك الإسلاميين (منظري الحركة الإسلامية) مع العلمانيين (منظري الانتصار لنقل النموذج الغربي) على المستوى الفكري، وهو ما أنتج عنوانات الأدبيات التالية: أ- (الحل الإسلامي) فريضة وضرورة الذي صدرت طبعته سنة 1394هـ- 1974م. ب- وبينات (الحل الإسلامي) وشبهات العلمانيين والمتغرِّبين الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1408هـ- 1988م. وما يدعم أنهما جاءا في سياق الاشتباك بين الفكرة الإسلامية والفكرة العلمانية العربية ما ظهر من أمر العنوان الجانبي للكتاب (ب)، بالإضافة إلى أنهما يمثلان الحلقتين الثانية والثالثة من سلسلة حملت عنوان (حتمية الحل الإسلامي) سبقهما في هذا الطريق في السلسلة نفسها العنوان التالي: "الحلول المستوردة.. وكيف جنت على أمتنا" الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1391هـ- 1971م، وهي جميعًا للدكتور يوسف القرضاوي الابن البار بالحركة الإسلامية المعاصرة، إن لم يكن أبر أبنائها العلماء المعاصرين الباقين بها، مد إليه في عمره وملاَّنا به. ومراجعة توقيف صدورها جميعًا شاهد على صدورها قبل الاشتباك الذي وقع بين النظام المصري والحركة الإسلامية، وكان من آثار التشويش على الحقيقة المضيئة التي يحملها شعار: الإسلام هو الحل، ثم جاء الدكتور محمد عمارة- حفظه الله تعالى- ليكتب كتابه المهم (هل الإسلام هو الحل؟) الذي صدرت طبعته الأولى متعاطيةً مع أحداث استثماره سياسيًّا من قِبل جماعة الإخوان المسلمين سنة 1415هـ- 1995م. ومجيء العنوان في صورة استفهام لم يكن يقصد من ورائه الإيحاء بخضوع المشكل موضوع الكتاب للاستفهام أو التباحث، فهذا ما لا يليق بمكانة الدكتور عمارة ولا بقلمه، وإنما جاء العنوان على ما جاز انطلاقًا من احترام قيمة علمية كافية مبدئيًّا لإبعاد اتهام الكتاب من عنوان بالمصادرة على المطلوب، وباستباق النتائج قبل سوق المسوغات إن جاء العنوان من غير (هل) التي تصدرته. وحاول الدكتور محمد عمارة أن يقنعنا بأنه يناقش المشكل من خلال الدائرة التي سبق للدكتور القرضاوي مناقشته فيها، وهو سياق اشتباك الفكرة الإسلامية مع الفكرة الوافدة الغربية، لكن السياق الزمني، وخطاب المرحلة التي شهدت صدوره قللت من هذا الربط، وظلَّت أجواء الاشتباك بين الإخوان مستثمري الشعار والنظام المصري الذي أعلن مخاوفه وفزعه من تقدُّم الإخوان سياسيًّا وشعبيًّا بشكلٍ يُهدد بقاءه في الحكم. كل ذلك حسنٌ ولكن وما مرَّ رصده تاريخيًّا لم يمنع خصوم الفكرة الإسلامية من التشويش على الشعار ومضمونه مستثمرين تنامي الاشتباك السياسي بين الإخوان والنظام المصري ولانعدام طوائف ولو كانت قليلة ترتاح للاستجابة المتفاوتة لمثل هذا التشويش. ولكن الذي لم يلتفت إليه أحد أن استعمال هذا الشعار أولاً جاء إلى العالم العربي والإسلامي بعيدًا عن مناوشات الميدان السياسي إذْ جاءنا أول ما جاء في صورته المستثمرة من قِبل الإخوان على لسان المفكر الفرنسي الشهير رجاء جارودي وقبل استعمال الإخوان له بعقد كامل من الزمان، وهو ما سجَّلته أروقة جلسات المؤتمر التاسع لمجمع البحوث الإسلامية بمناسبة العيد الألف للأزهر الشريف سنة 1403هـ- 1983م، والذي تضمَّنه كتاب بحوث المؤتمر ص 550، وكان عنوان كلمته (الإسلام هو الحل الوحيد.. الحضارة الغربية تموت لأنها تفتقر إلى الغايات) بقلم المفكر الفرنسي روجيه جارودي؛ حيث يقول في أول فقرةٍ منه: "الإسلام اليوم هو الدين الوحيد بين كل الأديان والنبوءات الذي ما زال في حالة تقدم مستمر". والتقاط هذا الصوت له أهمية خاصة جدًّا لأنه: أولاً: قادمٌ من واحد من أكثر المفكرين الغرب المعاصرين إثارةً للانتباه؛ بسبب من المواقع الفكرية والسياسية التي تنقل بنيتها، وهي استثمار لما جاء على هيئة قضية منطقية لها سابقات في الفكر الغربي في مثل (الحقيقة هي الحل) عند هيجل. ثانيًا: ولأنه قادم من خارج الدائرة العربية في رحلة بحثها عن طريق النهضة التي شهدتها مرحلة الاشتباك بين الحركة الإسلامية (الفكرة الإسلامية) والحركة العلمانية (الفكرة العلمانية). ثالثًا: ولأنه قادم كذلك من خارج دائرة الاشتباك بين الإخوان المسلمين ورجال النظام المصري الحاكم، فجارودي لم يكن إخوانيًّا ولا منتميًا للحزب الوطني المصري!. رابعًا: ولأنه مدون فيما يشبه الوثيقة الرسمية وبرعاية رسمية في أعلى مستوياتها. خامسًا: ولأنه قيل يوم قيل في حضن المؤسسة الرسمية التي ترعى شئون الإسلام، إقرارًا منها، وتسليمًا لها. والذي يُثير التساؤل غير البريء بعد كل هذه العلامات هو كيف جاز للنظام المصري مدعومًا بعددٍ من أصوات المؤسسة الدينية إلى التشويش على هذا الشعار؟ وكيف لم يفطن رجال المؤسسة الدينية الذين شايعوا هذا النظام إلى هذا الشرك والفخ الذي ومصداقيته؟! وفي هذا السياق لا يصح سوى أن نقرر مع محمد عمارة في كتابة هل الإسلام هو الحل (ص 12) قوله باعتباره ختام القول في المسألة: "ولم تكن إسلامية الحلول" لمشكلاتنا مسيرتنا الحضارية، مجرد "خيار" من أعلام ودعوات التجديد، وإنما كانت هذه الإسلامية قيامًا بفرائض إسلامية وتكاليف إلهية وواجبات شرعية. "فإسلامية حلول مشكلاتنا الدنيوية شرطٌ من شروط اكتمال الإيمان الديني للمسلم بالله واليوم الآخر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ﴾ (النساء: من الآية 59). وقد أطلنا النقل لنقرر على هامشه ما يلي: أولاً: إن استثمار الشعار من قِبل فريق من العاملين للإسلام أمر تأخر كثيرًا ونحمد الله سبحانه وتعالى على ظهور واستعماله. ثانيًا: أن الشغب على استثمار الشعار من قِبل بعض أصوات الأنظمة الحاكمة سيظل محكومًا بإطار السياسي من مثيري الشغب ضده على ما يُعرف من أمرهم سياسيًّا ولن يتخطاها إلى المساس بمفهومه ومضامينه الفكرية والحضارية ومن قبلها العقدية والإيمانية والتشريعية. ثالثًا: أن الاعتراف بشرعية الشعار جاء من الدائرة العربية في مراحل متنوعة ومن خارج الدائرة العربية، ومن العجيب أن التشديد الملموس في القيد الإضافي في كلام جارودي التمثل في النعت بكلمة الوحيد والظاهر في الربط بين التنكر للحل الإسلامي والتنكر للإيمان كما تجلَّى في النقل عن محمد عمارة- أقول إن من العجيب أن يأتي التشديد من خارج الدائرة الإخوانية، وهو أمر ظاهر الدلالة على التوفيق الإلهي للحركة الإسلامية. وفي هذا السياق الذي نعلن فيه أن الإسلام هو الحل مسألة أكبر من شعار نُنبه إلى ما بدا واضحًا في أروقة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية التي ترفع شعار أترك للقارئ الكريم تقييمه وهو (المسيحية هي الحل)، وهو ما ظهر عنوانًا لواحدٍ من أشهر الكتابات المتأخرة التي صدرت سنة 2008م تودع عالمنا، وهو كتاب البروفيسور الأمريكي التونسي الأصل: مختار بن بركة (المسيحية هي الحل). إنجيليون في البيت الأبيض، باسم الإسلام ينبغي أن نستمسك ونتقدم ولو لم يكن أمامنا مسوغ سوى مواجهة السياسة الأمريكية التي تقود حرب الهيمنة. وباسم الإسلام وتحت الشعار الذي صكه جارودي ثم أعلن عنه تيار الإخوان المسلمين ينبغي أن يتحرك العالم الإسلامية مستلهمًا مضامينه وفلسفته وتاريخه الحضاري. |
عاجل
عاجل :
منع أي تجمع يزيد عن 3 أشخاص في مترو الأنفاق.. و40 سيارة أمن مركزي تحاصر دار القضاء العالي وجامعة القاهرة
تغيير خطوط سير أتوبيسات النقل العام.. والقادمون من حدائق القبة إلى العمرانية ينتهي بهم الخط في التحرير!
Prevent any gathering of more than 3 people on the subway .. And40 car security surrounding the Central High Court and the University of Cairo
Change the routes of public transport buses .. And coming fromurban gardens to the dome end of their line in the editing!
Change the routes of public transport buses .. And coming fromurban gardens to the dome end of their line in the editing!
تم التأكد من خبر القاء القبض على البنات ، الخبر المؤكد : الامن يقبض علي 8 بنات منهن صحفية باسلام اون لاين من مقهي سيلانتروا بجامعة الدول العربية
Confirmed the news of the arrest of girls, the news is certain:security, arrested on 8 of them girls press with Islam Online is a caféSilantroa League of Arab States
الأحد، 17 أكتوبر 2010
الإسلام هو الحل.. المسألة أكبر من شعار!..د/ خالد فهمي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق