إن الإخوان المسلمين وهم يتابعون ما يجري على الساحة الدولية والإقليمية والداخلية، وعلى إثر أحداث تونس، ورغبةً في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره وعلى أرواح المواطنين وممتلكات الشعب ومكانة مصر، قد أصدروا بيانًا واضحًا بمتطلبات وطلبات الإصلاح الحقيقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكيفية تحقيق احترام حقوق الشعب ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.
وهذه هي المطالب الوطنية التي تكفل تحقيق الحريات والاستقرار والأمن لمنع الفوضى التي يحذر منها الجميع.
وفوجئنا برد فعلٍ متعجلٍ يخلو من الحكمة والكياسة، وينبئ عن الإصرار على بقاء النظام في ذات الموقع الذي يدعم الاستبداد والفساد وإرهاب الدولة؛ وذلك باستدعاء مسئولي الإخوان المسلمين بالمحافظات وتهديدهم بالبطش والاعتقال والمواجهة العنيفة، وربما الدامية في حالة النزول إلى الشارع لإعلان هذه المطالب الشعبية.
وإزاء هذا فإننا نعلن رفضنا للتهديدات والإرهاب، ونؤكد أن ملف الجماعة ملف سياسي، ولا ينبغي أن يكون بيد الأمن، فإن كان هناك مَن يريد أن يتحاور مع الأمة ونحن من نسيجها وموجودون ومنتشرون ومتجذرون فيها لبحث وسائل الإصلاح ومنهج التغيير لكي نخرج جميعًا من الأزمة والمأزق الذي يعيش فيه الناس والوطن، فنحن على أتمِّ استعداد لذلك، بل ندعو إلى حوارٍ وطني شامل لكل القوى والاتجاهات والأحزاب والحركات السياسية والممثلين لكل فئات الشعب.
ولا يتصور عاقلٌ أن أسلوب التهديد والوعيد يمكن أن يخيفنا؛ لأننا نعمل لله من أجل تحقيق مصلحة الأمة، ومَن يعمل لله لا يخيفه شيء؛ لأنه يخاف الله وحده ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الأنعام: من الآية 81).
ونؤكد أن الواجب على المسئولين الآن التعامل مع الاحتقان الشعبي النابع من الفساد والاستبداد بالحكمة المطلوبة، وهي الاستجابة لمطالب الأمة والبدء في تطبيقها فورًا، بدلاً من إحالة كل الملفات المهمة في المجتمع إلى الجهات الأمنية التي لا تتعامل إلا بمنهج التهديد والوعيد والاعتقال والتعذيب والسجن بل والقتل؛ الأمر الذي لا يعالج قضية ولا يحقق عدلاً ولا استقرارًا، بل ويُثير كل طوائف الشعب ويُكرِّس كراهية الأمن والنظام في نفوس الجميع.
هذا هو موقفنا ونداؤنا إلى الأمة بأسرها، ويد بيد وساعد بساعد نبني المستقبل العادل الآمن لهذا الوطن ولو كره المفسدون، ولن نكون أبدًا إلا وسط الشعب، نشاركه همومه وآماله ونعمل من أجل تحقيق حريته وكرامته، ونسعى معه في كل الأنشطة التي تقرب ساعة الحرية، وإن غدًا لناظره قريب ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق